الخميس، 29 أبريل 2010

من أبرز الأديبات السعوديات، هي ورجاء ونورة الغامدي. عندهن قدرات عالية جداً

الرواية السعودية مع عبدالله الغذامياعتبر الناقد الدكتور عبدالله الغذامي بأن ما يحدث في المشهد الروائي المحلي يشبه"تسونامي" أو موجات بحر اندفعت في لحظة واحدة بعد انحباس .وبرغم انشغال الناقد الدكتور عبدالله الغذامي بالرواية النسائية.إلا انه في هذا الحوار والذي اقتصر على الرواية المحلية قال الكثير من الآراء الصادمة التي يحتاجها المشهد. أراء مهمة جدا يحتاجها الروائي السعودي. لأنها تأتي من ناقد بحجم الدكتور الغذامي.ولهذا كان الحوار لمجلة الإعلام والاتصالفي البداية أسألك، إلى أين تتجه الرواية السعودية؟من الصعب أن نحدد اتجاه الرواية، هناك اتجاهات عديدة. نحن أمام ما يمكن أن نتصور أنه يشبه"تسونامي" أو موجات بحر اندفعت في لحظة واحدة بعد انحباس. كانت الأسئلة في السبعينات والثمانينات: "هل ستظهر رواية سعودية؟ ولم لا تظهر رواية سعودية؟" والإجابات على تلك الأسئلة كثيرة. وفجأة انفجر الموقف، هذا الانفجار تصاحب مع أنماط جديدة لوسائل الاتصال "الفضائيات والانترنت" ولو قست زمنياً تجد فيه تجاور تام بين الفضائيات والانترنت والرواية. ثلاثة أشياء وقعت في وقت متجاور. مما يعني أن الانترنت والفضائيات صارت هي مجال للنشر غير المراقب، صار فيه مجال لتجاوز الرقيب.هذا الاختمار السردي والاكتناز الحكائي كان يحكم الرتاج عليه بفعل رقيب. إما رقيب الذات أو رقيب المجتمع أو رقيب النشر ... الخ. كل أنواع الرقباء ربما، بما فيها الاسم. والاسم كاسم يمثل رقيب. وأن تكتب نصاً باسمك الحقيقي. الاسم الحقيقي، يحمل عائلة، يحمل ثقافة، يحمل هوية، يحمل مسؤولية. والانترنت أتاح الآن أن يتحرر الإنسان من اسمه، يكتب بغير اسمه ويتحرر أيضاً من المسؤول الثقافي في جريدة أو مجلة ... الخ. فجاء الكلام الذي كان لا يجرؤ أحد أن يقوله على المستوى الشخصي ولا يجرؤ أحد أن يضع اسمه عليه.وبإزاء هذا خطوة و خطوة، أنا أرى أن شقة الحرية هي المسئولة أصلا عن هذه الدرجة. وإذا ما فكرنا في غازي القصيبي كواحد ينتمي إلى مؤسسة ثقافية واجتماعية ورسمية -هو رمز لكل أنواع المؤسسات سواء الثقافي أو الاجتماعي أو الرسمي- ويكتب رواية يحكي فيها عن طالب يدرس في مدينة القاهرة وتجاربه هناك. عادة هذه الأمور لا يقولها أحد في سن غازي القصيبي ولا بموقعه ولكنه ببساطة قالها وكتبها في رواية. هذه جرأة نادرة في حينها. لما صدرت هذه الرواية بدأ آخرون يشعرون أن هذا جسر بين ضفتين عمل ضفة الصمت وضفة البوح، فعبروا . ولكن أرى أن بنات الرياض هي أكثر تحريضا من شقة الحرية على هذا الانفتاح الروائي؟ ما رأيك؟نحن نقول حين يخلع الإنسان مخاوفه ويتخلص من منظومة الرقباء داخله، يبدأ بالكتابة. وبذلك نستطيع أن نقول أن شقة الحرية هي التي فتحت الباب. حينما نأتي إلى رواية بنات الرياض لرجاء الصانع أثرت تأثير كبير من حيث أن الاستجابة لها كانت عالية جدا. يعني على مستوى القراءة و على مستوى كتابة النقاد وعلى مستوى اللقاءات الإعلامية. فبالتالي كل من لديه قصة صار يتصور أو تتصور نفسها صيغة أخرى لرجاء الصانع. ستكون ضيفة فضائيات، ستكون ضيفة على النقاد، كل النقاد، ستكون ضيفة على القراء، كل القراء. فبالتالي بدأ كل إنسان يقول لم لا أفعل هذا أنا أيضاً.* غازي القصيبي تحرر والدميني فشلكيف ترى نسبة نجاح القاصين الذين انتقلوا إلى كتابة الرواية ؟لا بأس إلى حد ما. ولكن تأسرهم، وتحاصرهم القصة القصيرة. القصة القصيرة التي تلاحق صاحبها باستمرار هي خطرة جداً. إن الشخص الذي تدرب على كتابة القصة القصيرة مدة طويلة جداً، هي خطرة عليه، خاصة إذا ما انتقل إلى كتابة الرواية. لذا أنت ترى أن معظم الروائيين في العالم كله ليسوا كتاب قصة قصيرة. أو تكون عندهم القصة القصيرة ضعيفة أو هزيلة بحيث لا يمكن أن ينظر إليهم عبر القصة القصيرة. نجيب محفوظ عنده قصص قصيرة ولكن لا أحد يقيم لها اعتبار. ليست هي نجيب محفوظ ببساطة ! أحمد شوقي عنده مسرحيات لكن لا يُنظر إليها. ليست هي أحمد شوقي ! أحمد شوقي في الشعر. أنا قلت مرة عن غازي القصيبي الرجل الهارب من الشعر. ميزة غازي أنه استطاع أن يتخلص من الشعر. استطاع أن يتحرر من الشعر حينما يكتب نص سردي كالعصفورية.علي الدميني شاعر، هل تحرر من الشعر عندما كتب الغيمة الرصاصية؟علي الدميني لم يتحرر في الغيمة الرصاصية. لم يتحرر بشكل كافي، عقل علي الدميني عقل إبداعي لو استمر في الكتابة الروائية ولم يتوقف. لكن أنت تعرف أنه بعد تجربته الروائية عاد إلى الشعر. مقحما نفسه بمزيد من الشعر. هو بمقدار ما يريد الابتعاد عن الشعر، الشعر يجره إليه، وبالتالي يوقعه في حبائله. لكن لو علي الدميني تخلص وحرر نفسه من الشعرية، لاستطاع أن يكتب لنا نصاً روائياً.* عبده خال لم يكتب روايته بعدعبده خال كقاص، بعد خمس روايات، ألم يستطع أن يتخلص من القصة القصيرة؟أعتقد عبده خال يرتقي شيئاً فشيئاً تجاه النص الروائي. لكن إلى الآن لم يكتب روايته. الرواية التي سيكتبها عبده خال إلى الآن لم تُكتب. وإذا راقبت مسيرته فسأقول أنه سيكتبها. شريطة أن يتحرر من شيئان مازالا يلاحقانه، يمسكان بتلابيبه. اللغة الشعرية، التي يتخلص منها أحياناً ويعود إليها في الرواية نفسها أحيان أخرى. في الرواية الواحدة تجده يشعرن كثيرا في صفحات ويتخلص منها في صفحات، فهو لم يحسم أمره، وهذه واحدة. أما الثانية فهي الإكثار، يريد أن يقول كل شيء. وهناك أشياء كثيرة بإمكانه أن يتجاوز عنها وأن يتركها لو تحرر من العقدتين. وهو طبعا يتحرر منها أحياناً ويعود إليها أحياناً كما أشرت. لا يزال إلى الآن في صراع بينه وبين نفسه مع هاتين العقدتين.ولكن أليس تباين اللغة في الرواية الواحدة هو تكنيك من الروائي ؟يمكن أن يكون تكنيك. ولكن أنا أتحدث عن الذي انتهى به المطاف إلى الصفحات. ويمكن يقصد هو تكنيك ولا تثريب في ذلك. لكن الذي انتهى على الصفحات أن الرواية أرهقت بهذا. وأحيانا أنت تقصد تكنيك معين وتريد أن تفعل هذا التكنيك، ولكن الذي ينتهي أن النص يرهق من التكنيك. هناك مصطلح في النقد وهو التشبع الجمالي. الجمالية ترهق النص لأنه شبع وزاد.* "الآخرون" قصة قصيرة، والغلاف الأخير هو كل الروايةلأن رواية "الآخرون" تتحدث عن حالة خاصة، اعتبرت الرواية رواية غير سعودية؟لا لم أقل هذا. يجب أن نقرر أنها سعودية أو غير سعودية وما المقصود بالسعودية. رواية المجتمع السعودي هي التي تحكي عن المجتمع السعودي. عن حالة اجتماعية سعودية، ومثلما حكى نجيب محفوظ عن الحالة الاجتماعية المصرية أو ديكنز أو ماركيز، فأنت عندما تقرأ ماركيز، أنت تقرأ جنوب أمريكا، تقرأ الناس، تقرأ الغجر، والمشعوذين السحرة، والشحاذين ... إلخ. أنت تقرأ الناس وتراهم. فارق بين الرواية التي هي رواية الحالة الاجتماعية، ورواية هي رواية شريحة محددة، أو حالة محددة أو وضع محدد.الآخرون ليست رواية مجتمع، ليست رواية حالة اجتماعية، هي رواية حالة خاصة. هذه الحالة موجودة في الشرق وفي الغرب، وفي كل مكان. هي وصفت هذه الحالة، ووصفها لهذه الحالة لا يعني أنها هنا تكتب عن شريحة اجتماعية. هي تكتب حالة من الحالات الإنسانية تحدث في أي مكان وفي أي زمان.وكيف ترى الرواية فنياً؟فنياً فيها مشكلة، لو قرأت الكلام الأخير على الغلاف الأخير، لوجدت أن الكلام هو الرواية كلها. لو أحدهم مثلا جرب واكتفى بقراءة الغلاف وترك الرواية لن يخسر شيء. فالرواية تبدأ مع "ضي" وعلاقتها مع البطلة. نفس الأمر يتكرر مع الأخريات، دون أي تطور من أي نوع، والسرد هنا لا يتطور، لا يدخل في مجاهل جديدة ولا ينمو. أنت كقارئ تظل تقرأ إلى نهاية الرواية، آملاً في أن يتطور الحدث. أن ينفجر الحدث، يتغير الحدث، يفضي بك إلى شيء، يدخلك إلى شيء، لا يدخلك إلى شيء. يعني لو اكتفيت أنت بقراءة الغلاف. والغلاف طبعاً كان يحكي عن العلاقة مع "ضي"ولا استطيع أن أقول أن هذه مصادفة، الواقع أن هذا هو النص أصلا. والذي اختار هذا الجزء -ولا أدري هل هو الناشر أم المؤلفة- فعلاً وضع يده على كل ما هو هنالك. ولا شيء غير ذلك.هذا لا يعطي مفهوماً للسرد. هذا ليس سردا قصصياً. نحن هنا لسنا أمام فن روائي، نحن أمام قصة قصيرة مكثفة في لحظة من اللحظات، ثم فُردت فنقص تكثيفها. حتى على مستوى أداء الكاتبة نفسها أرهقت وملت. لأنها تكرر كل شيء في الرواية.* رجاء عالم ارستقراطية في كل شيءعلى مستوى الكتابة السردية. من الروائي الذي تجده يتميز في التكنيك؟والله كثير. لا أستطيع أن أحدد أحد. هناك أعمال تقرأها وتقول أنها أعمال جيدة. ولكن عندما تقرأ أعمال رجاء عالم تقول إنها فنانة بدرجة عالية. في قدرتها اللغوية، قدرتها التقنية، قدرتها على اللعب بالنص، قدرتها على التنويع. ولكن يأتيك عيب آخر. رجاء عالم ارستقراطية في كل شيء، في نفسها، في عالمها، في شخوصها، في ذاتها، في مقروئيتها. ولا يقرأها أيضا إلا طبقة خاصة. فتلاحظ أنت أحيانا أنها تتقن فنياً لكنك تفقد نواحي أخرى.ولكن ألا تلاحظ أن رجاء عالم تراجعت عن نخبويتها في روايتي خاتم وستر؟تراجعت نعم، ولكن شخصيتها لا تزال. صعب أن تتراجع عن ذاتك، صعب تغيير جلدك. التغيير لم يكن التغير الجذري الكافي الذي يحول ستر مثلاً إلى شيء شبيه ببنات الرياض. لا يوجد مقارنة بين الروايتين. لا على درجة المقروئية، ولا على درجة تناول الشخصية التي تكون واقعية، كأنها سواليفية على نمط نجيب محفوظ، ووضعها بين دفتي كتاب. نحن في زمن ثقافة الصورة. الصورة السريعة الملونة والمباشرة والمتغيرة بسرعة. النص الذي لا يأخذ هذه السمات، لا يجد مقروئية. ولو سألتني أنا مالشيء الذي ممكن أن تصرف وقتك عليه. أقول رجاء عالم نعم، لكن لو سألت الناس سيقولون لا. أنا هنا في مجال النقد الثقافي يهمني ما يقوله الناس، وبغض النظر عن ما أقوله أنا. لأن رد فعل الناس هو الذي يساعدني على معرفة ماالخبر، وما القصة. فكثير يلوموني لماذا كتبت عن بنات الرياض وأيضا سأكتب عنها. الحقيقة أن ردة الفعل على بنات الرياض يوجب علي كواحد عنده اهتمام بالنقد الثقافي أن يسأل مالذي جعل الناس تنساق وراء هذا النص. فالمسألة ليست نص بذاته، هي ردود الفعل تجاه النص. وهنا تأتي الأهمية. ردود الفعل هي التي تكشف لك عن الواقعية الاجتماعية، والأنساق الثقافية والاجتماعية في المجتمع.ألا تعتقد احتجاب رجاء عالم عن الإعلام لعب دورا في عدم مقروئيتها ؟لا أظن. يعني رجاء الصانع ما كان احد يعرفها على الإطلاق. ليس احتجاب بل جهل تام مائة بالمائة.ولكن رجاء الصانع تفاعلت مع الإعلام؟الإعلام طرق بابها، الإعلام جاء إليها. هي لم تأتِ إلى الإعلام. نصها أتى بالقراء إليها وأتى بالإعلام.رجاء الصانع أيضا أنشأت موقع الكتروني مع صدور روايتها مما ساهم في تفاعل القراء مع الرواية؟متى هذا ! ! ولا أحد شافه. أنا علمت عن رجاء الصانع من المثقفين وكلهم كتاب جادين، عمر واحد منهم ما فتح الانترنت ولا نظر إليه. وقعت أيديهم على الرواية والرواية فرضت نفسها. يوجد ألف واحد فتح موقع الكتروني غير رجاء الصانع ولم يلتفت إليهم أحد. فالقضية إذن ليست في موقع على الانترنت. القضية هي النص ذاته.أنا كصحفي حاولت كثيرا مع رجاء عالم في إجراء حوار صحفي ولكنها ترفض.. لعبة الإحتجاب لدى رجاء تقلل من فرص مقروئيتها؟أنت لا يجب أن تقيس على نفسك، لأنك داخل النخبوية، أنت لست قارئ عام. أنت إنسان يعمل في الصحافة الثقافية. وفي الصحافة الثقافية يصبح اسم رجاء عالم من أبرز الأسماء، خارج إطار الثقافة، وخارج إطار النخبة الثقافية. لو ذهبت تسأل الناس عن رجاء عالم، سيقولون: "لا نعرفها !".لكن أسأل الناس عن رجاء الصانع كلهم يعرفونها. إذهب إلى النخبة الثقافية وقل لهم رجاء الصانع، سيبدؤون بإعطاء استثناءات عن رجاء الصانع، إنما هي واحد كتب لها، والكثير من الكلام الذي أنت تعرفه. فيجب علينا أن لا نأخذ معايير، ليست هي معايير للانتشار، ونظنها معايير انتشار النص. النص بحد ذاته يجب أن تكون له القدرة على أن يجذب الناس، أو له القدرة على أن ينفر الناس. هذه آليات معقدة جداً، وأحيانا لا نكتشفها إلا عندما ينشر النص. هناك قوانين للإستجابة لا يمكن التنبؤ بها، ولا يمكن أن نحددها ولكن إذا وقعت، نستطيع حينئذ أن نستقرأها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق